يمثل وصول النجم الفرنسي كريم بنزيمة إلى 50 مساهمة تهديفية (34 هدفاً و 16 تمريرة حاسمة) في 56 مباراة فقط مع نادي الاتحاد السعودي، علامة فارقة لا تُقاس بالكم فحسب، بل تُحلل كـ استراتيجية لعب متكاملة، سمحت له بالتحول بسلاسة من نجم عالمي إلى قائد هجومي فاعل في دوري روشن.
لم يكن هذا الرقم مجرد نتيجة تراكم الأهداف، بل كان ثمرة لنهج تكتيكي شخصي يعتمد على ثلاث ركائز أساسية:
1. استراتيجية "المهاجم الهجين": التوازن بين "القاتل" و"الصانع"
يكمن السر في استراتيجية بنزيمة في التخلي عن دور المهاجم الصريح الذي يكتفي بالتمركز في منطقة الجزاء. أرقامه تترجم هذا التحول بوضوح: 34 هدفاً مقابل 16 تمريرة حاسمة.
هذا التوازن يجعله "مهاجماً هجيناً" لا يمكن للمدافعين التنبؤ بتحركاته:
في اللحظة الحاسمة: يتحول إلى مهاجم كلاسيكي يسجل بالرأس أو بالقدم، كما حدث في هدفه الأخير برأسية رائعة بعد عرضية من موسى ديابي.
في بناء اللعب: يتراجع إلى عمق الملعب (رقم 10) ليصنع الفرص لزملائه، مستخدماً رؤيته الممتازة للملعب وخبرته في "فك شفرات" الدفاعات، وهو ما منحه 16 تمريرة حاسمة.
هذه المرونة تضمن بقاء الاتحاد خطراً على المنافسين حتى لو كان بنزيمة تحت رقابة لصيقة.
2. استراتيجية "الكفاءة القيادية" في إدارة الجهد
رغم تقدم بنزيمة في العمر، وغيابه عن بعض المباريات بسبب الإصابة، إلا أن معدل مساهماته التهديفية (قُرابة هدف في كل مباراة) يعكس كفاءة عالية في إدارة جهده وتوقيت تدخله.
تعتمد استراتيجيته القيادية على:
التأثير النوعي لا الكمي: لا يحاول الركض بلا هدف، بل يختار اللحظات والمواقع الأكثر تأثيراً في المباراة.
إلهام الزملاء: يساهم وجود لاعب بجودة بنزيمة الفنية في رفع مستوى الأداء العام للمنظومة الهجومية، خاصةً الأجنحة السريعة مثل ديابي الذي يستغل التمريرات الذكية من القائد.
3. استراتيجية "صنع التاريخ الجديد"
من الناحية المعنوية، يعكس وصول بنزيمة لهذا الرقم السريع في 56 مباراة فقط، استراتيجية "صنع التاريخ" في دوري جديد. إنه لا يكتفي باللعب باسمه، بل يصر على ترسيخ إرثه كأحد أهم اللاعبين الذين مروا على الدوري السعودي، مؤكداً أن الفائز بالكرة الذهبية يمتلك "الطريق والطريقة" (كما وصفته بعض وسائل الإعلام الرياضية) لتحقيق الأرقام في أي مكان.
باختصار، استراتيجية بنزيمة للوصول إلى رقم 50 ليست مجرد تسجيل أهداف، بل هي مزيج معقد من اللعب الهجين، والقيادة الهادئة، والكفاءة المطلقة في اللمسة الأخيرة، مما يجعله القوة المحرّكة الحقيقية لهجوم "النمور".

تعليقات
إرسال تعليق
رأيكم هو روح الحقيقة