تكمن جمالية رواية "الإمام" للكاتبة باسمة التكروري في قدرتها على تجريد البطل من رمزيته الدينية والسياسية، وتقديمه كإنسان عادي بكل ما يحمله من ضعف وقوة وحب جارف، ليصبح صموده دفاعاً عن الحياة ذاتها، لا عن مبدأ مجرد.
البداية الدرامية والبناء السينمائي
تفتتح الرواية بمشهد سينمائي قوي ومؤلم: لحظة استشهاد الشيخ علي النابلسي، إمام القدس، تحت عجلات المركبات العسكرية الإسرائيلية وهو يدافع عن المسجد الأقصى. هذا المشهد المأساوي ليس النهاية، بل هو نقطة الانطلاق لرحلة زمنية عبر تقنية "الفلاش باك" (Flashback)، تعود بنا إلى عام 1920.
هذا البناء الدائري يخلق نوعاً من الجمال التراجيدي؛ إذ يعيش القارئ مع البطل حياته منذ طفولته ونضاله السياسي، وهو يدرك مسبقاً النهاية المروعة. هذا يجعل كل لحظة من حياة الإمام أكثر قيمة وألماً وتأثيراً.
قصة حب تحدّت الاحتلال
القلب العاطفي للرواية، وجمالها الأعمق، يكمن في قصة حب علي النابلسي لزوجته سلوى الدجاني.
تتحدى هذه القصة التوقعات النمطية عن رجل الدين والقائد، حيث يقع علي في حب سلوى - الشابة الجميلة التي تدخن وتشاهد الأفلام في قاعة السينما. يضحي علي بميراث أبيه وبتقاليد عائلته من أجل هذا الحب، الذي يصبح الدرع الحقيقي الذي يحتمي به الزوجان من ضراوة الاحتلال والتهجير.
في لحظاته الأخيرة، وهو يحتضر بين يدي زوجته، يتمنى علي لو عاد به الزمن ليختبئ معها "بين أكوام البطاطا"، ويؤكد لها أنه لم يندم ولو للحظة. هذه المشاهد العاطفية تُعيد الشخصية الروائية إلى بشريتها الكاملة، لتثبت أن الاحتلال لم ينجح في قتل المشاعر الإنسانية النبيلة، وأن الشعب الفلسطيني يصر على عيش حياته العادية والحب حتى في قلب المأساة.
الخلاصة:
تكمن جاذبية "الإمام" في كونها ليست رواية تاريخية جافة، بل هي ملحمة إنسانية تستخدم التاريخ كإطار لقصة حب وصمود عظيمين، حيث يكتشف القارئ أن أقوى أشكال المقاومة هي التمسك بـ "الحياة" و"الحب" حتى آخر نفس.

تعليقات
إرسال تعليق
رأيكم هو روح الحقيقة