العبارة التي قد تلامس قلوبنا: نداء على لسان النبوة
إذا ما أمكن تخيل الموقف النبوي أمام صور أطفال الحروب في غزة والسودان واليمن وسوريا، التي وثّقها التقرير، حيث يرقد الأطفال جرحى أو يعانون سوء التغذية، ويقتاتون من القمامة أو يبيتون في الخيام البالية؛ فإن الكلمات التي ستصدر عنه ستكون بالضرورة صرخة في وجه التخلي عن المبادئ الأساسية للرحمة والإنسانية.
بالنظر إلى تعاليمه ووصاياه بحماية الفئة الأضعف في المجتمع، فإن العبارة التي تُلخّص الموقف وتُحرّك الضمير بكلمات نبوية عميقة هي:
"اشفوا غليلي في رحمة هؤلاء. إنما تُنصَرون وتُرزَقون بضُعفائكم!"
لماذا هذه العبارة مُحرِّكة؟
هذه العبارة المركّبة تقوم على مبدأين نبويين راسخين:
"اشفوا غليلي في رحمة هؤلاء" (النداء العاطفي): هنا تعبير عن الألم الشديد الذي يشعر به الناظر لمعاناة الأطفال (الغليل هو شدة العطش والهم). هو طلب إنساني عاجل ليس لوقف الظلم فحسب، بل لإظهار الرحمة الفورية، لأن هذا الإهمال يُميت روح المجتمع.
"إنما تُنصَرون وتُرزَقون بضُعفائكم" (القاعدة الإلهية): هذه مقولة نبوية أصيلة (حديث شريف) تُذكّر الأمة بأن النجاح والقوة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي (النصر والرزق) ليسا نتيجة قوة الجيوش أو كثرة الأموال، بل نتيجة الاهتمام بالفئات الأضعف في المجتمع—الأطفال والأيتام والفقراء والنازحين.
في سياق مشاهد النزوح والجوع الحالية، تكون هذه العبارة تذكيراً مُزلزِلاً بأن التخلي عن هؤلاء الأطفال لا يمثل فشلاً أخلاقياً فحسب، بل هو تهديد مباشر لبركة الأمم وقوتها، لأن الرزق والنصر مرتبط برعاية هذه البراءة المكسورة. إنه نداء موجّه لكل فرد ومؤسسة ودولة للمسارعة في العمل قبل أن تُنزع منهم الرحمة والنعم.

بارك الله فيك
ردحذف